وقال مجاهد، وعكرمة، وأبو صالح مولى أمِّ هانئ (?): من غضبِهِم هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله تعالى: وهذا تفسيرٌ لا يخصُّ اللَّفظةَ، وقد يكونُ الفورُ لغضبٍ ولطمعٍ ولرغبةٍ في أجرٍ، ومنه الفورُ في الحجِّ والوضوءِ» (?).
فبيَّن هنا أصل لفظِ الفورِ في اللُّغة، ثم بين أنَّ تفسيره بالغضبِ ليس مطابقاً، وإنما هو تفسيرٌ بالسببِ.
وقد يذكر الشَّاهدَ الشِّعريَّ للَّفظِ الَّذي يفسِّره، ومن ذلك:
1 - في قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: 57]، قال: «و {تَثْقَفَنَّهُمْ}، معناه: تأسرهم، وتحصلهم في ثقافك، أو تلقاهم في حالِ ضعفٍ تقدِرُ عليهم فيها وتغلبهم، وهذا من لازم اللفظِ؛ لقوله: {فِي الْحَرْبِ}.
وقيلَ: ثقف: أخذ بسرعةٍ، ومن ذلك قولهم: رجلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ (?).
وقال بعضُ الناسِ: معناه: تُصادِفنَّهم، إلى نحو هذا من الأقوالِ التي لا ترتبطُ في المعنى، وذلك أن المصادَفَ قد يُغْلَبُ، فيمكنُ التَّشريدُ به، وقد لا يُغلب.