وقصدتُ تتبُّع الألفاظ حتى لا يقعَ طَفَرٌ (?) كما في كثير من كتب المفسرين» (?).
وبهذا الكلامِ أبانَ ابنُ عطية (ت:542) عن شيءٍ من منهجه، وفيه ما أنا بصددِه، وهو التَّفسيرُ اللُّغويُّ، وقد عَقَدَ فصلاً في تفسيرِ القرآنِ والكلامِ على لغتِه والنَّظرِ في إعرابِه ودقائقِ معانيه (?).
وبتتبُّع التَّفسيرِ اللُّغويِّ عند ابن عطية (ت:542) وغيرِه منَ المفسِّرينَ، لا يظهرُ اختلافٌ بينهم في أصولِ مسائِله: من الاستفادةِ من اللُّغةِ وشواهدِها، غير أنَّ التَّميّزَ قد يقع في كثرةِ الاعتمادِ وقِلَّتِه، وطريقةِ الأخذِ باللَّغةِ والتَّرجيحِ بها، وطريقةِ أداءِ معاني القرآن بما يطابقها من لغة العربِ، وهو ما يسميه ابنُ عطيةَ (ت:452) ـ أحياناً ـ بتحريرِ معنى اللَّفظِ في لغةِ العربِ.
وقد سلك ابن عطيَّةَ (ت:542) الطَّريق نفسه الذي سلكه من كان قبله، من تفسير ألفاظ القرآن بدون ذكر الشَّاهدِ اللُّغويِّ، وبذكرِ الشَّاهدِ اللُّغويِّ، وبذكر المحتملات اللُّغويَّةِ، وتوجيه القراءات مختلفاتِ المعنى، والتَّرجيحِ باللُّغةِ.
وسأذكر لهذه الأنواع أمثلةً، مع ذكر ما تميَّز به ابن عطيَّة (542) في تفسيره، واللهُ الموفِّقُ.
يظهرُ في تفسيرِ الألفاظِ عندَ ابن عطية (ت:542)، حرصُه على تحريرِ معنى اللَّفظِ في اللُّغةِ، خصوصاً إذا وردَ تفسيرُ السَّلفِ بغيرِ مطابقِ اللَّفظِ، وله في ذلك براعةٌ وإبداعٌ عجيبٌ.