الجوابُ: لأنَّه لو أرادَه منهم؛ لكانوا مُطيعينَ له بفعله، ولأنَّ إرادةَ القبيحِ عبثٌ، وقد نفى اللهُ ذلك لقوله عزّ وجل: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون:115]، ولأنَّه يُردُّ إلى المحكمِ في قوله عزّ وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء: 64]».

انظرْ، كَمْ حشدَ في هذا المثالِ من الأشعارِ لإثباتِ أنَّ اللاَّمَ في الآية هي لامُ العاقبةِ، وقد نصَّ صراحةً على مخالفةِ الظَّاهرِ من معنى اللاَّم، وسببُ مخالفتِه، فَهْمُه الاعتزاليُّ الخطأُ في الإرادةِ الإلهيَّةِ، فجعلَ كلَّ ما يريدُه اللهُ، محبوباً له، ويُبنى عليه أن يكونَ مريداً لزيادةِ الإثمِ لهمْ، وهذا قبيحٌ عنده، ولذا حَرَفَ معنى اللاَّمِ الدَّالِّ عليها هنا إلى لامِ العاقبةِ (?)، وليسَ ذلكَ بصوابٍ، بل اللهُ يفعلُ ما يريدُ، وفعلُه محمودٌ، وهو كمالٌ لا يلحقُه قبحٌ ولا نقصٌ كما يتوهَّمُه المعتزلةُ أو غيرُهم الَّذينَ لم ينتبهوا للفرقِ بين الإرادةِ الكونيَّةِ والإرادةِ الشَّرعيَّةِ، ولذا يؤوِّلُ كلَّ إرادةِ كونيَّةٍ بسببِ سوءِ فهمِه لها؛ كتفسيرِه لقوله تعالى: {وَلاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 176]، قال: «ويقالُ: ما معنى {يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ}؟

الجوابُ: يريدُ أنْ يُحبِطَ أعمالَهم بما استحقُّوه من إجرامِهم، عن ابن إسحاقَ (?).

ويجوزُ أن يكونَ بمعنى: يريدُ اللهُ أن يحكمَ بحرمانِ ثوابِهم الَّذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015