وَجَعَلَتْ عَينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
أي: تسكن وتذهب وتنطفئ. وقال ذو الرُّمَّةِ (?):
قَبْلَ انْصِدَاعِ الفَجْرِ وَالتَّهَجُّرِ ... وَخَوضُهُنَّ اللَّيلَ حِينَ يَسْكُرُ
يعني: حينَ تسكنُ فورتُه.
وذُكِرَ عن قيسٍ أنها تقول: سَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ سُكُوراً؛ بمعنى: سكنتْ؛ وإذا كانَ ذلك عنها صحيحاً، فإنَّ معنى سُكِرَت وسُكِّرَت بالتخفيف والتشديد متقاربان. غير أنَّ القراءة التي لا أستجيزُ غيرَها في القرآنِ {سُكِّرَتْ} بالتشديدِ، لإجماعِ الحُجَّةِ من القراءِ عليها، وغيرُ جائزٍ خِلافُها فيما جاءتْ به مجتمعةً عليه» (?).
ظواهر في التَّفسير اللُّغويِّ عند ابن جرير
برزتْ بعضُ الظَّواهرِ التي تميَّزَ بها ابنُ جريرٍ الطبريُّ (ت:310) في تفسيرِه اللُّغويِّ، وهي:
لقد كان اعتمادُ ابنِ جريرٍ الطبريِّ (ت:310) على المأثورِ عن السَّلفِ مما يتميَّزُ به عموماً في تفسيرِه، وقد ساقَه ذلكَ إلى الاعتمادِ عليه في التَّفسيرِ اللُّغويِّ في بيانِ القرآنِ، ولقد سبقَ ذِكرُ الضَّابطِ الذي ذكرَه في التَّفسيرِ المُعْتَمِدِ على اللُّغةِ، وهو أن لا يكونَ التَّفسيرُ خارجاً عن ما قالَهُ أهلُ التَّأويلِ من الصَّحابةِ والتَّابعينَ وأتباعهم، وقدْ سارَ على هذا المنهجِ في كتابِه، ولم يخرجْ عن هذا الضابطِ إلاَّ في النَّادرِ القليلِ جدًّا (?).