معه صرة فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها. وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وأمركم بالصدقة. فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه. فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم. وأمركم أن تذكروا الله. فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا، حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم. كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع والطاعة. والجهاد.
والهجرة. والجماعة. فإن من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع. ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثاء جهنم. فقال رجل: يا رسول الله، وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام. فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله»
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقال البخاري: الحارث الأشعري له صحبة. وله غير هذا الحديث.
فقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث أن العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. وهذا بعينه هو الذي دلت عليه سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فإنه وصف الشيطان فيها بأنه الخناس الذي إذا ذكر العبد الله انخنس، وتجمع وانقبض. وإذا غفل عن ذكر الله التقم القلب وألقى إليه الوساوس التي هي مبادئ الشر كله. فما أحرز العبد نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله عز وجل.
الحرز التاسع: الوضوء والصلاة. وهذا من أعظم ما يتحرز به منه، ولا سيما عند توارد قوة الغضب والشهوة. فإنها نار تغلي في قلب ابن آدم.
كما
في الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحسّ بشيء من ذلك فليلصق بالأرض» .
وفي أثر آخر «إن الشيطان خلق من نار، وإنما تطفأ النار بالماء»
فما