العبد، وأن ذلك بيد الله لا بيد العبد، والاعتراف بالمعاد وطلب مرافقة السعداء.
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
قال الفراء: وجماعة «ومن اتبعني» معطوف على الضمير في «أدعو» يعني أنا ومن اتبعني يدعو إلى الله كما أدعو، وهذا قول الكلبي، قال: حق على كل من أتبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه، ويذكر بالقرآن والموعظة.
ويقوى هذا القول من وجوه كثيرة:
قال ابن الأنباري: ويجوز أن يتم الكلام عند قوله «إلى الله» ثم يبتدئ بقوله «على بصيرة أنا ومن اتبعني» فيكون الكلام على قوله جملتين، أخبر في أولاهما أنه يدعو إلى الله، وفي الثانية: بأنه مع أتباعه على بصيرة، والقولان متلازمان فلا يكون الرجل من أتباعه حقا حتى يدعو إلى ما دعا إليه ويكون على بصيرة.
وقول الفراء أحسن وأقرب إلى الفصاحة والبلاغة.
وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها: فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حد أقصى يصل إليه السعي، ويكفي هذا في شرف العلم: أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء.