المنظر البهي. وفي أيديهن مدى يقطعن بها ما يأكلن، فدهش حتى قطعن أيديهن، وهن لا يشعرن.
وقد قيل: إنهن أبنّ أيديهن. ولكن الظاهر خلاف ذلك. وإنما تقطيعهن أيديهن جرحها، وشقها بالمدى، لدهشتهن بما رأين. فقابلت مكرهن القولي بهذا المكر الفعلي، وكانت هذه في النساء غاية في المكر.
ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40)
إنما عبدوا المسميات، ولكن من أجل أنهم نحلوها أسماء باطلة، كاللات والعزّى، وهي مجرد أسماء كاذبة باطلة لا مسمى لها في الحقيقة.
فإنهم سموها آلهة وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها. وليس لها من الإلهية إلا مجرد الأسماء لا حقيقة المسمى. فما عبدوا إلا أسماء، لا حقائق لمسمياتها. وهذا كمن سمى قشور البصل لحما، وأكلها. فيقال: ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه، وكمن سمى التراب خبزا وأكله، يقال له: ما أكلت إلا اسم الخبز، بل هذا النفي أبلغ في آلهتهم. فإنه لا حقيقة لإلهيتها بوجه. وما الحكمة ثمّ إلا مجرد الاسم.
فتأمل هذه الفائدة الشريفة في كلامه تعالى.
[سورة يوسف (12) : آية 53]
وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)
فإن قيل: فكيف قال وقت ظهور براءته؟ وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي.
قيل: هذا قد قاله جماعة من المفسرين. وخالفهم في ذلك آخرون أجل منهم وقالوا: إن هذا من قول امرأة العزيز، لا من قول يوسف عليه السلام.
والصواب معهم من وجوه.
أحدها: أنه متصل بكلام المرأة، وهو قولها 12: 51- 53 الْآنَ