أرانا موضعين لحتم عيب ... وسحر بالطعام وبالشراب

أي مسرعين. ومنه قول عمر بن أبي ربيعة.

يتألهن بالعرفان لما عرفتني ... وقلن امرؤ باغ أكلّ وأوضعا

أي أسرع حتى كلت مطيته يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ قال قتادة وفيكم من يسمع كلامهم ويطيعهم، وقال ابن إسحاق: وفيكم قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم. ومعناه على هذا القول: وفيكم أهل سمع وطاعة لهم لو صحبهم هؤلاء المنافقون أفسدوهم عليكم.

قلت: تتضمن «سماعون» معنى مستجيبين. وقال مجاهد وابن زيد والكلبي: المعنى وفيكم ميول لهم ينقلون إليهم ما يسمعون منكم، أي جواسيس والقول هو الأول. كما قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أي قابلون له. ولم يكن في المؤمنين جواسيس للمنافقين. فإن المنافقين كانوا مختلطين بالمؤمنين، ينزلون معهم ويرحلون ويصلون معهم، ويجالسونهم، ولم يكونوا متحيزين عنهم قد أرسلوا فيهم العيون ينقلون إليهم أخبارهم. فإن هذا إنما يفعله من انحاز عن طائفة ولم يخالطها. وأرصد بينهم عيونا له. فالقول قول قتادة وابن إسحاق والله أعلم.

فإن قيل: انبعاثهم إلى طاعته طاعة له. فكيف يكرهها؟ وإذا كان سبحانه يكرهها فهو يحب ضدها لا محالة، إذ كراهة أحد الضدين تستلزم محبة الضد الآخر فيكون قعودهم محبوبا له، فكيف يعاقبهم عليه؟.

قيل: هذا سؤال له شأن، وهو من أكبر الأسئلة في هذا الباب.

وأجوبة الطوائف على حسب أصولهم.

فالجبرية: تجيب عنه بأن أفعاله لا تعلل بالحكم والمصالح. وكل ممكن فهو جائز عليه. ويجوز أن يعذبهم على فعل ما يحبه ويرضاه وترك ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015