النافع والضار في العلوم والإرادات، والأعمال. وتفيده قوة الإيمان والإرادة والحب للحق، وقوة البغض والكراهة للباطل: فشعوره وتميزه ونصرته بحسب نصيبه من هذه الحياة. كما أن البدن الحي يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم، ويكون ميله إلى النافع ونصرته عن المؤلم أعظم فهذا بحسب حياة البدن. وذلك بحسب حياة القلب. فإذا بطلت حياته بطل تمييزه وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوة يؤثر بها النافع على الضار، كما أن الإنسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك الذي هو رسول الله من روحه. فيصير حيا بذلك النفخ. وكان فضل ذلك من جملة الأموات فكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الروح الذي ألقى الله إليه قال تعالى: 16: 2 يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وقال: 40: 15 يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وقال: 42: 52 وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا. ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا فأخبر أن وحيه روح ونور. فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي فمن أصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حصلت له الحياتان.
ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول حصلت له إحدى الحياتين، وفاتته الأخرى.
قال تعالى: 6: 122 أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها فجمع له بين النور والحياة، كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة. قال ابن عباس وجميع المفسرين: كان كافرا ضالا فهديناه.
وقوله: وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ يتضمن أمورا.
أحدها: أنه يمشي في الناس بالنور، وهم في الظلمة. فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم الليل، فضلوا ولم يهتدوا للطريق. وآخر معه نور