وفي هذا المسلك غنية عن تلك التعسفات والتأويلات.
وهذا المسلك ضعيف أيضا. وممن رده أب عبد الله بن مالك، فقال:
هذا القول ضعيف، لأن قائله إما أن يريد أن فعيلا في هذا الموضع وغيره يستحق ما يستحقه فعول من الجري على المذكر والمؤنث بلفظ واحد، وإما أن يريد أن فعيلا في هذا الموضع خاصة محمول على فعول. فالأول مردود لإجماع أهل العربية على التزام التاء في ظريفة وشريفة وأشباههما وزنا ودلالة ولذلك احتاج علماؤهم أن يقولوا في قوله تعالى: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا وقوله: وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا أن الأصل هو بغوي على فعول، فلذلك لم تلحقه التاء، ثم أعلّ بإبدال الواو ياء والضمة كسرة، فصار لفظه كلفظ فعيل، ولو كان فعيلا أصلا للحقته التاء، فقيل: لم أك بغية. والثاني أيضا مردود لأن لفعيل على فعول من المزايا ما لا يليق به أن يكون تبعا له، بل العكس أولى أن يكون فعولا تبعا لفعيل، ولأنه يتضمن حمل فعيل على فعول، وهما مختلفان لفظا ومعنى أما اللفظ فظاهر، وأما المعنى فلأنّ قريبا لا مبالغة فيه لأنه يوصف به كل ذي قرب وإن قل، وفعول لا بد فيه من المبالغة.
وأيضا فإن الدال على المبالغة لا بد أن يكون له بنية لا مبالغة فيها، ثم يقصد به المبالغة، فتغير بنيته كضارب وضروب، وعالم وعليم. وقريب ليس كذلك فلا مبالغة فيه.
وأما بيت امرؤ القيس فلا حجة فيه لوجوه.
أحدها: أنه نادر فلا حكم له فلا كثرت صوره ولا جاء على الأصل كاستحوذ واستوثق البعير، وأغيمت السماء وأغور وأحول، وما كان كذلك فلا حكم له.
الثاني: أن يكون أراد قطيعة القيام، ثم حذف التاء للإضافة، فإنها يجوز حذفها عند الفراء وغيره، وعليه حمل قوله تعالى: وَأَقامَ الصَّلاةَ