وإذا شاء أن يزيغه أزاغه» .
وقوله: وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: ابن عباس: أخذلهم وأدعهم في ضلالهم يتمادون.
وأما التزيين وقال: 35: 8 أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً؟ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وقال: 6: 43 وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
وأما التزيين إليه سبحانه خلقا ومشيئة. وحذف فاعله تارة، ونسبه إلى سببه، ومن أجراه على يده تارة.
وهذا التزيين منه سبحانه حسن، إذ هو ابتلاء واختبار للعبد ليتميز المطيع منهم من العاصي، والمؤمن من الكافر، كما قال تعالى: 18: 7 إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وهو من الشيطان قبيح.
وأيضا فتزيينه سبحانه للعبد عمله السيء عقوبة منه له على إعراضه عن توحيده وعبوديته، وإيثار سيء العمل على حسنه فإنه لا بد أن يعرفه سبحانه السيء من الحسن، فإذا آثر القبيح واختاره وأحبه ورضيه لنفسه زينه سبحانه له وأعماه عن رؤية قبحه بعد أن رآه قبيحا. وكل ظالم وفاجر وفاسق لا بد أن يريه الله تعالى ظلمه وفجوره وفسقه قبيحا، فإذا تمادى عليه ارتفعت رؤية قبحه من قلبه. فربما رآه حسنا عقوبة له، فإنه إنما يكشف له عن قبحه بالنور الذي في قلبه، وهو حجة الله عليه فإذا تمادى في غيه وظلمه ذهب ذلك النور، فلم ير قبحه في ظلمات الجهل والفسوق والظلم. ومع هذه فحجة الله قائمة عليه بالرسالة، وبالتعريف الأول.
فتزيين الرب تعالى عدل، وعقوبته حكمة، وتزيين الشيطان إغواء