قلت: والآية تحتمله. ولا يناقض القولين قبله، فإن الله على صراط مستقيم، ورسوله وأتباع رسوله. وضد ذلك معبود الكفار وهاديهم، والكافر التابع والمتبوع والمعبود. فيكون بعض السلف ذكر أعلى الأنواع. وبعضهم ذكر الهادي. وبعضهم المستجيب القابل. وتكون الآية: متناولة لذلك كله. ولذلك نظائر كثيرة في القرآن.

وأما آية هود: فصريحة لا تحتمل إلا معنى واحدا. وهو أن الله سبحانه على صراط مستقيم. وهو سبحانه أحق من كان على صراط مستقيم- فإن أقواله كلها صدق ورشد وهدى وعدل وحكمة: 6: 115 وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا وأفعاله كلها مصالح وحكم، ورحمة وعدل وخير.

فالشر لا يدخل في أفعاله ولا أقواله البتة، لخروج الشر عن الصراط المستقيم. فكيف يدخل في أفعال من هو على الصراط المستقيم أو أقواله؟

وإنما يدخل في أفعال من خرج عنه وفي أقواله.

وفي دعائه عليه الصلاة والسلام: «لبيك وسعديك، والخير كله بيديك والشر ليس إليك (?) »

ولا يلتفت إلى تفسير من فسره بقوله: والشر لا يتقرب به إليك، أو لا يصعد إليك. فإن المعنى أجل من ذلك، وأكبر وأعظم قدرا. فإن من أسماؤه كلها حسنى. وأوصافه كلها كمال، وأفعاله كلها حكم، وأقواله كلها صدق وعدل: يستحيل دخول الشر في أسمائه أو أوصافه، أو أفعاله أو أقواله. فطابق بين هذا المعنى وبين قوله: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وتأمل كيف ذكر هذا عقيب قوله: 11: 56

طور بواسطة نورين ميديا © 2015