هذا الحكم الذي قضى عليهن بالإمساك فى البيوت، وذلك بنسخ هذا الحكم وإحالته إلى الحكم الذي تضمنته آية «النور» وهو قوله تعالى: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ... الآية» .. ويروون لهذا حديثا عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو أنه- صلوات الله وسلامه عليه- حين تلقى آية «النور» من ربه، وزايله ما غشيه من الوحى، قال لمن حضره من أصحابه:
«خذوا عنى، خذوا عنى.. قد جعل الله لهنّ سبيلا.. البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» .
والسؤال هنا: هل من السبيل التي تنتظر منها هؤلاء المكروبات بابا من أبواب الطمع فى رحمة الله أن ينقلن من الحبس إلى الرجم أو الجلد؟
إن فى قوله تعالى: «أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» يدا علوية رحيمة تمتدّ إليها أيدى أولئك البائسات الشقيّات، فى أمل يدفىء الصدور، ويثلج العيون! فكيف يخلفهن هذا الوعد الكريم من ربّ كريم؟ وحاش لله أن يخلف وعده.
ولا نقول فى الحديث المروي أكثر من هذا.
وأما الذين لا يقولون بالنسخ لهاتين الآيتين- ونحن منهم- فيقولون: إن السبيل التي جعلها الله لهؤلاء المذنبات، هى أن يفتح الله لهن بابا للخروج من هذا السجن، على يد من يتزوج بهن.. فالزواج هنا ينتقل بهن إلى بيت الزوجية الذي يعشن فيه عيشة غيرهن من المتزوجات، حيث يسقط عنهنّ هذا الحكم الذي وقع عليهن.
وهذه الرحمة التي يمسح الله بها دموع هؤلاء المذنبات من عباده، ويردّ بها إليهن اعتبارهن، بعد الذي نالهن من عذاب جسدى، ونفسى- هذه الرحمة هى فى مقابل تلك الرحمة التي أفاضها الله على قرنائهنّ من الرجال، الذين اقترفوا