وما لكل وارث من نصيب.. «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ» وهذه أحكامه، أوجب على عباده أن يلتزموها، وأن يقفوا عندها لا يتجاوزونها.. «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .
فهذا الجزاء الحسن، قد أعدّه الله سبحانه لمن أطاعه وأطاع رسوله، الذي حمل إليه ما أمر الله به، وما نهى عنه..
إنه جنّات تجرى من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وإنه الخلود فى هذه الجنات والعيش الدائم فى نعيمها.. وذلك هو الفوز العظيم، الذي لا يقاس إليه شىء مما يعده أهل الدنيا فوزا، فيما يقع لأيديهم من مال ومتاع، ولو كان حلالا خالصا.. فكيف إذا كان مشوبا بالحرام، أو كان هو الحرام كل الحرام؟
وقوله تعالى: «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ» .. هو كشف عن الوجه البغيض المقابل لهذا الوجه الطيب الكريم.. إنه وجه أولئك الذين لا يخشون الله، ولا يخافون عقابه، فلا يمتثلون أوامره، ولا يعملون بما يدعوهم الله ورسوله إليه.. وإنها للنار التي أعدت للكافرين، وإنه للخلود فى عذابها وهوانها.. وذلك هو الخزي المبين! وهنا ما ينبغى أن ننظر فيه، ونتأمله:
فلقد جاء الخطاب من قبل الحق جلّ وعلا لمن يطيعون الله ورسوله فى صيغة المفرد، حتى إذا دخل الجنة، انتقل الخطاب من المفرد إلى الجمع..
هكذا: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.. خالِدِينَ فِيها..» فما وجه هذا؟ وما سره؟