وهاهم أولاء يقتسمون هذا الميراث فيما بينهم، ويذهب كل واحد منهم بنصيبه منه..!

هذا جانب من الصورة التي تبدو للعين بعد موت المورّث، وعند تقسيم تركته، وهو الجانب البارز الواضح منها..

ولكن هناك جانب آخر لتلك الصورة، لا تراه إلا البصائر النافذة، ولا تشعر به إلا القلوب المتفتحة! ويضمّ هذا الجانب من الصورة أشتاتا من الناس.. الأقارب الذين لا نصيب لهم فى الميراث، واليتامى الفقراء، والمساكين.. وهؤلاء جميعا تحدّق عيونهم فى هذا الميراث، وتتلمظ شفاههم به، ويسيل لعابهم إليه.. فإذا انتهى الموقف، وانفضّ الجمع، وذهب كل وارث بنصيبه، دون أن ينال هؤلاء الواقفون على الجانب الآخر شيئا من هذا الميراث، امتلأت نفوسهم غيظا، واحترقت أكبادهم حسدا، وهذا من شأنه أن يثير العداوة والبغضاء فى الجماعة، ويوقع الشرّ بينها.

والإسلام حريص على أن يسدّ هذه الثغرات، التي تهبّ منها على المجتمع ريح الفتنة، وعواصف الفرقة! وقد جاء هنا بتدبيره الحكيم، فأعطى كل ذى حقّ حقّه، وأقام موازين العدل والإحسان بين الناس، وجمعهم جميعا على المودة والرحمة.

ومن تدبير الإسلام فى هذا أن جعل لهؤلاء الذين يحضرون قسمة الميراث من الأقارب غير الورثة، ومن اليتامى الفقراء، والمساكين- جعل لهم نصيبا من هذا الميراث.. تطيب به خواطرهم، وتسد به مفاقرهم، دون أن يكون فى ذلك ما يضير الورثة، أو يجور على حقهم فى مال مورثهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015