وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (6)
التفسير: فى آية سابقة حذّر الله سبحانه وتعالى من أكل مال اليتامى، أو التهاون فيه، أو التضييع له، وفى هذه الآية، يدعو سبحانه القومة على اليتامى، من أولياء وأوصياء أن يضعوهم دائما تحت التجربة والاختبار، لسياسة أموالهم، وتدبيرها بأنفسهم، وذلك بأن يشركوهم معهم فى بعض التصرفات، ويطلعوهم على طرق الأخذ والعطاء بين الناس، «حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ» أي العمر الذي يصلحون فيه للزواج، وهو سن النضج والبلوغ، واستبان رشدهم، وصلاحيتهم للاستقلال بالتصرف فى أموالهم- دفعوها إليهم كاملة، وأشهدوا على ذلك أهل الثقة والأمانة.
وفى قوله تعالى: «وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا» تحذير للأولياء والأوصياء على اليتامى، من أن ينزع بهم الطمع فى مال اليتيم إلى استغلاله والمبادرة باجتناء ثمرته لهم، قبل أن يخرج من أيديهم إلى أصحابه اليتامى، عند رشدهم.
وقوله تعالى: «وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ» دعوة للأغنياء من الأوصياء، أن يؤدوا هذا العمل حسبة لله، ليؤجروا عليه، وألا يضيعوا هذا الأجر نظير مال هم فى غنى عنه، إذ كان الله قد آتاهم من فضله ما يغنيهم عن غيرهم.