فى المجتمع- فى هذا ما يعطى المال وصفا غير الوصف الذي يكون له وهو فى حوزة الأيدى التي تعبث به، وتستخف بشأنه.
فالمال- فى حقيقته- أداة من أدوات النفع، الخاص، والعام معا..
هو قوة فى يد صاحبه، يدفع به عن نفسه قسوة الحاجة، ولذعة الحرمان، ومطية يمتطيها إلى غايات كثيرة، يجنى منها الخير لنفسه، ولأهله.
ثم هو- أي المال- حركة عاملة فى المجتمع، تصبّ فيها جهود أصحاب المال، وتتلاقى على طريقها وجوههم التي يقصدون إليها فى تثمير المال وتنميته! وفى صيانة هذه القوة من عوامل الوهن والضعف، وفى تنظيم هذه الحركة وإقامتها على طريق مستقيم- فى هذا صيانة للفرد، وحياطة له من أن تضطرب حياته وتتعثر خطواته، وفى هذا أيضا، صيانة للمجتمع، وحياطة لمواطن القوة منه، والحياة فيه.
فالمال فى يد من لا يحسن التصرف فيه، ولا يرعى قدره وحرمته، هو فى تلك الحال فى يد غير أمينة عليه، وغير مستأهلة له.. ومن حق المجتمع أن ينزع هذا الحق منه، ويضعه فى يد أمينة، تحافظ عليه وترعاه لحساب السفيه حتى يرشد، أو يموت، فيكون لورثته من بعده.
وفى قوله تعالى: «الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً» إشارة إلى ما للمال من شأن فى الإسلام، وإلى النظرة التي ينظر بها إليه، وأنه قوام الحياة، وملاك عمرانها، ومبعث سلامة المجتمع وقوته! فالذين يتحدثون باسم الإسلام، مهوّنين من شأن المال، أو مستصغرين خطره، أو مستخفّين به وبأهله، إنما يفترون على الإسلام، وينطقون عنه زورا وبهتانا.