قوله تعالى: «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ» (34: النساء) .
والمهر حقّ للزوجة، يجب أن يؤديه الرجل إليها، فإن هو صار إلى يدها ثم طابت له نفسها عن شىء منه، فذلك فضل منها، وليس على الرجل من بأس فى أن يقبله، ويتصرف فيه كما يتصرف فيما يملك.
وأقل المهر أىّ مال يدخل الفرحة على المرأة وقد يجزى عن المال العمل، كما زوّج شعيب ابنته من موسى، بالخدمة عنده سنوات معدودات.
ولا حدّ لأكثره، حسب يسار الرجل وقدرته.. إنه باب من أبواب الإحسان، ومسلك من مسالك الخير، وليس ثمة حرج فى أن يبلغ المهر من الكثرة ما يبلغ، مادام له فى مال الرجل سعة، والله سبحانه وتعالى يقول: «وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً» (20: النساء) .
والمكروه فى المهر أن يكون عن مماكسة ومساومة بين الرجل، وزوجه، أو بينه وبين أهلها أو يكون فيه إرهاق للرجل بما لا يحتمله ماله، ولا يتسع له كسبه.
ذلك أن «المهر» ليس إلا مدخلا إلى علاقة إنسانية، وطريقا إلى رابطة نفسية، ومن أجل هذا يجب أن يكون النظر إليه من وراء هذه العلاقة وتلك الرابطة.!
وفيما قصّ الله سبحانه وتعالى من تلك الصورة الكريمة التي زوّج بها نبىّ الله «شعيب» نبىّ الله «موسى» ابنته- فى هذا ما يكشف عن أدب عال، وحكمة رائعة، ينبغى أن تكون فيها الأسوة فى هذا المقام.. يقول الله تعالى على لسان «شعيب» مخاطبا «موسى» :
«إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ