قوله تعالى:
«مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ» هو بيان للمستعاذ منه، برب الناس، ملك الناس، إله الناس..
والوسواس الخناس: هو ما يطرق الإنسان من وساوس وظنون، مما تسوّل له به نفسه، من منكرات، وما يزين له به إخوان السوء، وما يغريه به أهل الضلال من مفاسد، وآثام..
وتسمية هذه الطوارق المنكرة، وتلك الواردات المضلّة، بالوسواس، لأنها تدخل على الإنسان فى مسارّة ومخافتة، وتلقاه من وراء عقله، وفى غفلة من ضميره.. إنها توسوس له، وتهمس فى صدره، دون أن يحضرها عقله، أو تشهدها حواسه..
وهذا واضح إذا كان هذا الوسواس من ذات الإنسان نفسه، ومن نزغات شيطانه.
أما إذا كان هذا الوسواس من شيطان من شياطين الإنس، فإن الوسوسة تكون بينه وبين من يوسوس له، بمعزل عن أعين الناس، وعن أسماعهم، حتى لا يروا ولا يسمعوا هذا السوء الذي يوسوس به، ولا هذا المنكر الذي يدعو إليه..
وهكذا المنكرات والآثام، لا يدعى إليها علانية، كما لا يأتيها مقترفوها علانية.. إنها لا تتمشّى إلا فى الظلام، ولا يلتقى بها أصحابها المتعاملون بها- من داعين بها ومدعوين إليها- إلا فى تلصص ومسارقة..