ما يسعى السحر، حسب رأيه.. وهو يرى أن هذه الأرواح الخبيثة لا سلطان لها إلا على الأرواح النازلة، الضعيفة، كأرواح الصبيان والجهال.. فكيف يقبل- مع هذا- قول، بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قد سحر؟ وكيف يكون هذا قولا لابن القيم نفسه؟ ينزل هذا بالنبيّ وبمقامه العظيم إلى مستوى الصبيان والجهال؟
ويردّ ابن حجر على ما نقله- ملخصا- من قول ابن القيم، فيقول:
«ويعكّر عليه- أي يؤخذ على قوله هذا- حديث الباب (أي الباب الذي ورد فيه حديث السحر) . وجواز السحر على النبي صلى الله عليه وسلم- مع عظيم مقامه، وصدق توجهه، وملازمة ورده (أي ذكر الله) ثم يقول ابن حجر: «ولكن يمكن الانفصال عن ذلك- أي الرد على قول ابن القيم- بأن الذي ذكره محمول على الغالب، وإنما وقع به صلى الله عليه وسلم- لبيان تجويز ذلك» ..
هذا هو جانب من موقف المنكرين لهذا الحديث، والمدافعين عنه.
وهناك كثير من العلماء، آثروا العافية، وأعفوا أنفسهم من أن يكونوا طرفا فى هذه القضية، وهؤلاء هم جماعة من أئمة المفسرين، لم يشاؤا أن يعرضوا لحديث السحر، عند تفسير هم لسورة «الفلق» بل نظروا فى قوله تعالى: «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ» - نظروا فيه نظرا مجانبا لحديث السحر، فلم يشيروا إلى هذا الحديث من قريب أو بعيد، مع أن هذا هو موضعه الذي يشار إليه فيه.. وهذا يعنى أنهم فى موقف توقّف إزاء هذا الحديث، وأنهم يميلون إلى ردّه، أكثر من ميلهم إلى قبوله.. ومن هؤلاء الأئمة المفسرين الذين وقفوا هذا الموقف من حديث السحر: الزمخشري، والطبري، والقرطبي، والنّسفى..