وممن ردّ حديث السّحر، والأخبار المتصلة، به من المفسّرين، الإمام الطبرسي، فنراه يقول تعقيبا على هذا الحديث المروىّ عن السيدة عائشة- رضى الله عنها-: «وهذا لا يجوز، لأن من وصف بأنه مسحور، فكأنه قد خبل عقله، وقد أبى الله سبحانه وتعالى ذلك فى قوله تعالى: «إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا» (47- 48: الإسراء) .
«ولكن الذي يمكن أن يكون- هو أن «اليهودىّ» أو بناته، قد اجتهدوا فى ذلك فلم يقدروا عليه، وأطلع الله نبيّه صلى الله عليه وسلم على ما فعلوه من التمويه، حتى استخرج، وكان ذلك دلالة على صدقه..
«ثم كيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم، ولو قدروا على ذلك لقتلوه- أي النبىّ- وقتلوا كثيرا من المؤمنين» ؟.
وهذا الذي يتلمّسه الإمام الطبرسي لقبول الخبر بقوله: «ولكن الذي يمكن أن يكون- هو أن اليهودىّ أو بناته اجتهدوا فى ذلك فلم يقدروا عليه، وأطلع الله نبيّه على ما فعلوه من التمويه، حتى استخرج، وكان بذلك دلالة على صدقه..» .. نقول هذا القول لا تقوم منه حجة على صحة الحديث وقبوله، وذلك:
أولا: أن الخبر المروي يقول: إن لبيد بن الأعصم هو الذي سحر النبي صل الله عليه وسلم، ولم يجر لبناته ذكر فى الحديث على تعدد الروايات التي روى بها..
والخبر وحدة واحدة، فإما أن يقبل كله، أو يردّ كله..
وثانيا: إذا كان ما فعله لبيد هذا، هو من قبيل التمويه.. فما الحكمة فى أن