إِيمانِكُمْ كُفَّاراً، حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ»
(109: البقرة) .
وفى نار الحسد التي تأججت فى صدور اليهود، ذابت كلّ معالم الحق الذي كان معهم من أمر النبي، فكفروا به، واتخذوا طريق الضلال مركبا إلى عذاب الجحيم..
والحسد- وليس غيره- هو الذي أغرق مشركى قريش فى الضلال، وأغراهم بهذا الموقف اللئيم الآئم الذي وقفوه من النبي، حتى كان عمه أبو لهب هو وامرأته من أشدّ الناس حسدا له، وتصديا لدعوته، وتشنيعا عليه، وكان من مقولات المشركين ما ذكره الله عنهم من قولهم: «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا» ؟
(25: القمر) .. «لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ» (31:
الزخرف) «أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ؟ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ» (24: القمر) وقوله تعالى: «إِذا حَسَدَ» - هو قيد للاستعاذة بالله من الشر الذي ينقدح من صدر الحاسد، فتشتعل ناره، وتعلق بمن حسده..
أما الحسد الساكن، الذي لم ينضبح بعد، ولم يتحرك من صدر صاحبه، ولم يبلغ من القوة بحيث يأخذ صورة عملية، أبعد من دائرة الخواطر والمشاعر- أما هذا الحسد، فهو طبيعة غالبة فى الناس، قلّ أن يسلم منه قلب، أو تخلو منه نفس.. فما أكثر ما يمد الإنسان بصره إلى ما عند الناس، مما ليس فى يده، من مال، أو علم، أو صحة، أو شباب، أو جمال، أو بنين، أو نحو هذا، مما ترغب فيه النفوس، وتتداعى عليه الآمال، وما أكثر ما تتولد مشاعر الحسد من المحروم إلى حيث مواطن هذه المحبّبات إلى النفوس، ثم يجد من دينه، أو عقله، أو مروءته ما يردّه عن موقف الحسد، ثم لا تلبث هذه المشاعر أن