كانت النساء فى هذا المجال أكثر من الرجال عددا، وأثرا، وإذ كان غالبا وراء كل رجل يثير فتنة، امرأة تغريه بها، وتدفع به إليها، وحسبنا أن نذكر هنا امرأة أبى لهب حمالة الحطب، والعهد بها قريب..
وقيل النفاثات: النفوس الخبيثة، والأرواح الفاسدة. سواء تعلقت بالرجال أو بالنساء..
هذا، وفى هذا التعبير عن إفساد ما بين الناس من روابط، بكلمة «النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ» - إعجاز من إعجاز النظم القرآنى..
والذي يتأمل هذا اللفظ المعجز يجد:
أولا: أن كلمة النّفث تشير إلى هذا الشبه بين فم هذا الذي يسعى بين الناس بالكلمة الآثمة الفاجرة، وبين الحية التي تنفث سمومها فتصيب بها من الناس مقتلا..
وثانيا: أن هذا النفث المنطلق من فم هذا الإنسان، يصدر عن صدر ملىء بالعداوة والبغضاء للناس جميعا.. أشبه بتلك العداوة المتوارثة بين الحية والناس.
وثالثا: أن كلمة «العقد» وهى الروابط القائمة بين الناس، هى حياة لهم أشبه بتلك الحياة السارية فى أبدانهم، وأن حلها يفسد هذه الحياة، كما يفسد حياتهم نفث الأفاعى فيهم..
ورابعا: ان النفث فى العقد المادية، من حبال ونحوها، من شأنه أن يلين من صلابتها، وأن يعين على حلها، وكذلك الشأن فى العقد المعنوية، من روابط الأخوة والمودة بين الناس، فإن النفث فيها بالنميمة موهن لها، وممهد لحلّها..