وفى وصف المعيشة بأنها راضية، مع أن الرضا إنما يكون لمن يعيشون فيها- فى هذا إشارة إلى أنها راضية فى ذاتها، بحيث تبدو وكأنها كائن حىّ قد اجتمع له كل ما يرضيه.. فهذه المعيشة قد اجتمع لها كل أسباب الرضوان لجميع الناس على اختلاف مطالبهم..

وقد عرضنا لهذا فى تفسير سورة «الحاقة» .

قوله تعالى:

«وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ. فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ. وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ» وهؤلاء هم الكافرون الذين حبطت أعمالهم، فلم يكن لهم ولا لأعمالهم وزن- هؤلاء أمّهم. التي تضمهم إليهم، وتحنو عليهم، هى هاوية، حيث تهوى بأصحابها إلى قرار الجحيم.. إنها نار حامية، تأكل أهلها كما تأكل النار الحطب..

وفى جميع الموازين، إشارة إلى أن كل عمل من أعمال الإنسان له ميزانه الذي يوزن به، حسب قدره، وقيمة..

أما الميزان الذي توزن به الأعمال، فهذا مما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه، ولا ينبغى لنا أن نتكلف له تصورا، وحسبنا أن نؤمن بأن هناك ميزانا توزن به الأعمال، وتتبين به قيمة كل عمل، صغر أو كبر.. أما هيئة هذا الميزان وكيفيته، وكيف توزن الأعمال به- فهذا مما يتولاه الله عنا، ولا شأن لنا به.. إنه سبحانه يحاسب، ويقضى، ويحكم، وهو أحكم الحاكمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015