إنه لا يؤمن بالله، ولا يقف موقف الأولياء منه، بل إنه ليحارب المؤمنين بالله، ويحول بينهم وبين أداء ما لله سبحانه وتعالى عليهم من حق.. فجرم هذا الطاغية جرم مضاعف.. فلا هو يؤمن بالله، ولا يؤدى حق ربه عليه، ولا يدع المؤمنين يؤدّون حق ربهم عليهم.. والاستفهام هنا تعجب من الأمر المستفهم عنه، وتشنيع على فاعله، ودعوة الناس إلى ضبطه وهو قائم على هذا المنكر، متلبس به!! وفى جعل فاصلة الآية الفعل: «ينهى» وفى قطع الفعل «ينهى» عن معموله، وهو «عبدا إذا صلى» - فى هذا تشنيع على طغيان هذا الطاغية فإذا..
استمع مستمع إلى قوله تعالى: «أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى» - وقع فى تفكيره لأول وهلة، أن هذا الإنسان إنما ينهى عن منكر، لأن هذا هو شأن ما ينهى عنه.. فإذا فاجأه الخبر بأن ما ينهى عنه هذا الآثم، إنما هو الصلاة والولاء لله رب العالمين اشتد إنكاره له، وتضاعفت جريمته عنده..
والنهى هنا بمعنى المنع، لأن الذي يملك النهى عن فعل الشيء، يملك منع المنهىّ عن فعله، إذ النهى فى حقيقته لا يكون إلا من ذى سلطان متمكن ممن ينهاه، ويقدر على منعه مما نهاه عنه.
وفى قوله تعالى: «عبدا» - إشارة إلى أن هذا المنهي عن الصلاة، هو فى مقام العبودية والولاء لربه.. فهو عبد، ولكنه سيد الأسياد جميعا فى هذه الدنيا، إذ كان عبد الله رب العالمين..
وقوله تعالى:
«أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى؟» «أرأيت» هنا، استفهام إنكارى، بمعنى ماذا ترى من حال هذا الأثيم