يغير من مسيرتهم الضالة، ولا كيف يقيم هو نفسه هو على شريعة يبشّر بها فى الناس، كما يقول سبحانه: «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ..» (52: الشورى) ثم إذا أعاد النبي النظر إلى نفسه مرة ثالثة، وجد أنه كان فقيرا عائلا، أي كثير العيال، فأغناه الله، وسدّ حاجة عياله، من مال زوجه، وأم أبنائه، السيدة خديجة رضى الله عنها.. وفى هذا ما يشير إلى فضل السيدة خديجة، وإلى أنها نعمة من نعم الله على النبي.. هذا كله يراه النبي- صلوات الله وسلامه عليه- من نفسه، ماضيا، وحاضرا..
قوله تعالى:
«فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» ..
هو تعقيب على هذا الإحسان الذي أفاضه الله وما سيفيضه على نبيه، وأن من حق هذا الإحسان أن يقابل بالحمد والشكران لله رب العالمين.. وقد صرف الله سبحانه وتعالى هذا الحمد، وذلك الشكران إلى الضعفاء، والمحتاجين من عباده، فيكون حمده وشكره، بالإحسان إليهم، والرعاية لهم.. فلا نهر لليتيم، ولا كسر لخاطره، ولا ترك لمرارة اليتم تنعقد فى فمه.. وإن أولى الناس برعاية اليتيم، وجبر خاطره، من عرف اليتم، ثم كفله الله.. وإنه لا نهر أي لا زجر للسائل، وهو من يقف موقف من يسأل، عما هو محتاج إليه، من طعام يسد به جوعه، أو علم يغذى به عقله، أو هدى يعرف به طريق الخلاص لروحه..
فإن السائل ضعيف أمام المسئول، ومن حقه على القوى أن يتلطف معه،