قوله تعالى:
«فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى» .
والناس فى عمومهم، يدخلون تحت وصفين عامّين: مؤمنون وكافرون، أو محسنون ومسيئون..
فأما من أعطى، أي أنفق فى سبيل الله، وفى وجوه الخير والإحسان، متّقيا بذلك ربّه، خائفا عذابه، طامعا فى ثوابه «وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى» أي مؤمنا بما للعمل الطيب من قدر، معتقدا أنه العمل الأفضل والأحسن، لا أن يكون ما يصدر منه من أعمال الخير تلقائيا، وعفوا، لا تشده إليه إرادة صادقة، أو قصد محسوب حسابه، مقدرة آثاره.. وهذا يعنى أن الأعمال إنما تحكمها النيات الباعثة لها، الداعية إليها.. أما العمل الذي لا تنعقد عليه نية، ولا ينطلق من إرادة، فإنه سهم طائش، ورمية من غير رام.. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم بقوله:
«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرى ما نوى» ..
وفى إطلاق الفعل «أعطى» من قيد الشيء المعطى- إشارة إلى أمرين:
أولهما: أن ما يعطى لا بد أن يكون شيئا طيبا نافعا لأن الإعطاء يقابله الأخذ، والإعطاء والأخذ لايتّمان إلا برغبة متبادلة بين المعطى والآخذ.. والآخذ لا يأخذ إلا ما ينفعه ويرضيه..
والأمر الآخر الذي يشير إليه إطلاق الفعل، هو أنه لا حدود للإعطاء، قلّة أو كثرة، كما يقول سبحانه: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» .. (91: التوبة) وقوله تعالى: «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى» أي أن من أخذ طريق الحق، وشدّ عزمه عليه، وصرف همه نحوه، يسّر الله له طريقه، وأعانه على المضي فيه، لأنه طريق الله، ومن كان على طريق الله، لم يحرم عونه، وتوفيقه..