وقوله تعالى:
«فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها» ..
أي أنهم لم يستمعوا نصح صالح لهم، ولم يصدقوا ما أنذرهم به، ولم يأخذوا على يد هذا الشقي، بل تركوه حتى عقر الناقة! وقوله تعالى: «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ» أي أخذهم الله جميعا بالعذاب، فلم يبق منهم باقية بسبب هذا الجرم الغليظ الذي كان منهم..
والدمدمة: الإهلاك لجماعى، الذي لا يبقى ولا يذر..
وقوله تعالى: «فسواها» أي أطبق عليهم الأرض، فلم يبق لهم ولا لديارهم أثر عليها، بل سويت الدور بالأرض، كأن لم يكن عليها شىء..
والضمير وهو «ها» فى قوله تعالى «فسواها» يعود إلى الأرض، التي يشير إليها قوله تعالى: «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ» لأن الدمدمة، أي التسوية مما يفعل بالأرض، لا بالناس.
وقوله تعالى:
«وَلا يَخافُ عُقْباها» ..
أي أن الله سبحانه فعل بهم ما فعل، واقتلعهم من الأرض اقتلاعا، دون أن يحول بينه وبين ما فعل بهم حائل، أو يحاسبه محاسب.. إنه فعل ذلك بعدله وقوته، وسلطانه، الذي لا معقب عليه..
وذكر الخوف هنا تمثيل، يراد منه الإشارة إلى هذا التدمير الشامل، المتمكن، فإن الذي يخاف عاقبة أمر لا تتسلط عليه يده تسلطا كاملا، بل يحول بينه وبين تصرفه المطلق فيه، خوف الحساب والجزاء، ممن يحاسبه ويجازيه..
وتعالى الله سبحانه عن ذلك علوا كبيرا..