هكذا يكون الإنسان حين مولده.. إنه أشبه بالشمس فى إشراقه ووضاءته..
إنه الإنسان فى أحسن تقويم، كما خلقه الخالق جل وعلا، قبل أن تنعقد فى سمائه سحب الضلالات، وتهبّ عليه أعاصير الحياة محملة بالغثاء والتراب.
«وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها..»
هو الإنسان الذي خيمت عليه موروثات الآباء والأجداد فى بيئة الكفر والضلال، فلعبت بعقله، وحجبت شمس فكره، ثم بقي معه بعد ذلك شىء من شعاع العقل، يجده مندسّا فى ضميره، مختزنا فى فطرته.. فيقف فى مفترق الطريق بين الهدى والضلال، بين أن يرجع إلى عقله، ويحتكم إلى رأيه، أو ينساق مع هواه، ويتّبع ما كان عليه آباؤه «وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها» ..
فإذا غلب الرأى على الهوى، وأخذ الإنسان طريق الحق، عاد إلى العقل سلطانه، وتجلت فى الإنسان آيات شمسة، فأضاءت كل شىء حوله..
«وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها» ..
وأما إذا غلب الهوى على الرأى، وأخذ الإنسان طريق الباطل، فقد غربت شمس العقل، وعميت بصيرة الإنسان، واشتمل عليه ليل دامس، لا نجم فى سمائه ولا قمر..
«وَالسَّماءِ وَما بَناها» والإنسان الذي أمسك بعقله، واستجاب لسلطانه، هو- كما قلنا- إلى عالم