بيّن السّمات، وكذلك الشر، أمره ظاهر لا يخفى،.. ولن يخطىء أحد التفرقة بين ما هو خير وما هو شر، كما لا يخطىء أحد التفرقة بين النور والظلام، والنهار والليل، والحلو والمر.. اللهم إلا من فسد عقله، واختل تفكيره، فيرى الأمور على غير وجهها، تماما، كمن تعطلت حاسة من حواسه، من سمع أو بصر، أو شم، أو ذوق، فلا يميز بين المسموعات أو المبصرات، أو المشمومات أو المذوقات.. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم بقوله: «إن الحلال بين وإنّ الحرام بيّن.. وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس» .

والإنسان السوىّ، يعرف الخير والشر، والهدى والضلال، والنافع والضار، ويهتدى إلى ذلك بنفسه، كما يتهدّى الحيوان إلى مسالكه فى الحياة، وإلى ما يحفظ وجوده بين الأحياء..

ومن هنا كانت دعوة الإسلام- كما كانت دعوة الشرائع السماوية كلها- هى الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر.. والمعروف هو ما عرف الناس بفطرتهم أنه ملائم لهم، فاتجهوا إليه، وتجاوبوا معه، وأخذوا وأعطوا به..

والمنكر، ما أنكره الناس بفطرتهم، واستوحشوه، ونفروا منه، ونأوا بأنفسهم عنه.. ومن هنا أيضا كان الإجماع فى الشريعة الإسلامية أصلا من أصول هذه الشريعة، يقوم إلى جانب أصليها: الكتاب والسنة.. وليس الإجماع فى حقيقته إلا توارد العقول وتلاقى الفطر على أمر ليس فى كتاب الله ولا فى سنة رسوله نصّ فيه..

وهذا يعنى أن الرأى العام حكم يقضى بين الناس، وفيصل فيما لم يجدوا له حكما فى الكتاب أو السنة..

وأكثر من هذا، فإن أحكام الكتاب والسنة، إنما هى موزونة بميزان الفطرة السليمة، والعقل الصحيح، أو قل إن أحكام الكتاب والسنة ضابطة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015