بعض أجزائها الأخرى، لتكون مهادا للناس، وبساطا ممدودا.. وبهذا تذلّل لهم وتستجيب لحركتهم عليها.. «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» (15: الملك) .
وقوله تعالى:
«فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» .
هو دعوة إلى النبي الكريم أن يعرض هذه الآيات التي تحدثت عن قدرة الله سبحانه، وعن حكمته، ليكون فيها تذكرة لمن يتذكر، وعبرة لمن يعتبر..
فوظيفة النبىّ، هى التذكير بالله، وإلفات العقول والقلوب إلى قدرته، وعلمه، وحكمته، وإلى ماله سبحانه من نعم سابغة على عباده..
وقوله تعالى: «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» أي لست أيها النبي بمتسلط على الناس، تقهرهم بسلطان قوى، وبقوة قاهرة، على أن يؤمنوا بالله، ويستجيبوا لما تدعوهم إليه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ» (45: ق) .
وفى هذا إطلاق للإنسان، وتحرير لذاته وشخصيته من أي سلطان، إلا سلطان عقله وضميره، وفى هذا تكريم للإنسان، واعتراف بمكانه فى الوجود، وأنه لا وصاية عليه من أحد حتى الأنبياء والرسل.. إنهم ليسوا أوصياء عليه، وإنما هم هداة يرفعون لعينيه مشاعل الهدى فى طريق حياته، فإن شاء سار فى الطريق الذي يكشف عنه هذا النور، وإن شاء أخذ الطريق الذي اختاره له عقله، وارتضاه ضميره.. ولو كان كفرا وضلالا، فتلك مشيئته التي شاءها لنفسه!.
قوله تعالى:
«إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ» ..