أي أنه حين يشاء الله نشر هذا الميت، وبعثه من قبره- نشره بقدرته التي لا يعجزها شىء والنشر لا يكون إلا بعد طىّ، وقد كان الإنسان حيّا، ثم طويت حياته بالموت، ثم ها هو ذا ينشر بعد طىّ، بالبعث والحياة بعد الموت.
قوله تعالى:
«كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ» وهذا النفي فى قوله تعالى: «كلا» هو جواب على سؤال يرد عند عرض هذه الآيات التي تتحدث عن قدرة الله سبحانه وتعالى، وعن آثارها فى هذا الإنسان الذي كفر بربه، بعد أن خلقه من نطفة، ثم سوّاه رجلا..
والسؤال هو: هل آمن هذا الكافر الذي تتمثل فيه وجوه هؤلاء المشركين جميعا، بعد أن عرضت عليه هذه الآيات؟
فكان الجواب: كلا.. لمّا يقض ما أمره الله به، ودعاه إليه، من الإيمان والعمل الصالح.. وفى نفى هذا الخبر عن الإنسان بحرف النفي «لما» التي تفيد امتداد النفي إلى الوقت الحاضر، ولا تتجاوزه إلى المستقبل، الذي لم يحكم عليه إلى الآن بالنفي أو الإيجاب- فى هذا ما يشير إلى أن هؤلاء المخاطبين من المشركين فى شخص هذا الإنسان، وإن كانوا لم يؤمنوا بالله بعد، فهم ما زالوا فى معرض الإيمان، لم ينقطع بهم الطريق إليه، وأنه يرجى منهم أن يؤمنوا، أو أن يؤمن معظمهم.. وقد كان.. فهؤلاء المشركون، قد آمنوا بالله بعد هذا، ودخلوا فى دين الله أفواجا، ولم يبق منهم بعد الفتح مشرك.
والمراد بالأمر فى قوله تعالى: «ما أمره» - هو الأمر التكليفي،