الذي عبس وتولى غائب، ليس هنا فى مجلس النبىّ.. إنه هناك.. بعيد بعيد.!

ثم إن هذا الغائب، إذ يبسم بعد عبوس، وإذ يقبل بعد إعراض، وإذ يكون على الحال التي تتناسب ومقام الخطاب من ربه.. هنا يقبل عليه ربه- سبحانه وتعالى- مخاطبا معلّما، ومرشدا..

فتوجيه الخطاب من الله سبحانه، إلى النبي أولا، بضمير الغائب، فيه عتب، وفيه إعراض، وخطابه سبحانه إلى النبىّ ثانيا، بضمير الحاضر، فيه الرضا بعد العتب، والإقبال بعد الإعراض..

وفى قوله تعالى: «وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» - إشارة إلى ما كان يبغى هذا الأعمى من حضوره مجلس النبي، والإلحاح بسؤاله.. إنه يسأل سؤال من يريد مزيدا من العلم، ومزيدا من الهدى.

والاستفهام هنا يراد به النفي، أي ومن أين لك أنت أن تعلم أن هذا الأعمى لا ينتفع بما يسألك عنه، حتى تعرض عنه؟ أنت لا تعلم، وقد كان ينبغى فى تلك الحال أن تجيبه إلى ما سأل، لعله ينتفع بما يتعلمه، ولعله يتزكى، أي يتطهر بما يفاض عليه من علم، أو لعله يتلقى من حديثك إليه ما يقيم له عظة تنفعه، وتزيد فى إيمانه..

قوله تعالى:

«أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى» .

هنا تفصيل لمجمل هذا الحدث، الذي جاء من أجله هذا العتاب.. أي كان موقفك هنا أيها النبي معدولا به عن الطريق الذي ينبغى أن يكون عليه..

وإليك بيان هذا الموقف:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015