أن تستثير قواه، وتبعث كوامنه، وهو بالتالى يستثير المقابل له، ويستخرج كوامنه، وبهذا يلتقيان، ويتزاوجان، وتتكون من تزاوجهما طاقة يتولد عنها مخلوق جديد، وهكذا الشأن فى عالم المعاني أيضا..

فالذكر تقابله الأنثى، والأنثى يقابلها الذكر، والنور يقابله الظلام، والنهار يقابله الليل، واليقظة يقابلها النوم، والحياة يقابلها الموت، والحق يقابله الباطل، والجميل يقابله القبيح.. وهكذا، فليس شىء فى الوجود قائم بذاته، متفرد بوجوده.. وذلك لتكون الوجدانية خالصة لله الواحد القهار.

قوله تعالى:

. «وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً» السّبات: السكون، والهمود، والمسبوت الميّت، يقال: ضربه فأسبته، أي أحمد أنفاسه، وأبطل حركته.. والسبت: القطع.

ومن قدرة الله سبحانه وتعالى، ومن آثار رحمته، أنه جعل النوم موتا لنا ونحن أحياء، فألبسنا الحياة والموت معا.. نحيا، ونموت، ونموت ونحيا، وذلك فى كل يوم من أيام حياتنا.

فالنوم، صورة مصفرة من الموت، وانطلاق الروح فى حال النوم، وسياحتها ورحلتها المنطلقة بعيدا عن الجسد، هو أشبه بانطلاقها انطلاقا مطلقا بعد الموت، وارتحالها الأبدى فيما وراء المادة.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:

«اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» (42: الزمر) وقوله سبحانه:

«وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ» (60: الأنعام) قوله تعالى:

«وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015