من رضا ورضوان- تراهم وقد ألبسوا أفخر الثياب، وحلّوا بأثمن الحلي، وأكرمها.. فهذا مما يتم به النعيم، وتكمل به المسرات..
والسندس، ضرب من نسيج الحرير الرقيق، والإستبرق نسيج أغلظ من نسيج السندس.. أي أن السندس يكون شعارا، والإستبرق يكون دثارا..
و «عاليهم» ظرف، بمعنى فوقهم، أي تعلوهم ثياب سندس خضر..
وفى التعبير بلفظ «عاليهم» بدلا من عليهم- هو- والله أعلم- إشارة إلى أن هذه الملابس لا تلتصق بأجسامهم كما تلتصق ثيابنا على أجسادنا فى هذه الدنيا، وإنما هى ألوان من النور، أشبه بألوان الطيف، تنعكس على هذه الأجسام النورانية.. وهذا يعنى أن الحياة فى الجنة حياة روحية، لا يخالطها شىء من عالم المادة إلا كان فى شفافية الروح وصفائها..
وقوله تعالى: «وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً» - هو إشارة إلى عظم ما يساق إلى هؤلاء الأبرار من نعيم، حيث يتناولون هذا الشراب الطهور من ربهم، بعد أن يكونوا قد تذوقوا ألوان النعيم الأخرى.. فكان هذا الشراب من يد البر الرّحيم، هو النشوة الكبرى، التي لا يحيط بها وصف، ولا يعرف كنهها إلا من أكرمه الله بها..
فما أضل الذين ولّوا وجوههم إلى غير ربهم، وما أخسر صفقة الذين اشتروا الدنيا كلها، بقطرة من قطرات هذا الرضوان!! قوله تعالى:
«إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً» هو من تحية الله سبحانه وتعالى لعباده الأبرار المكرمين، وهو يسقيهم