والخلق- كما قلنا فى أكثر من موضع- هو إيجاد المخلوق على الصورة التي أرادها الله سبحانه وتعالى له، أمّا الجعل، فهو إعطاء المخلوق الصفة الوظيفية التي يقوم بها.. فالخلق إبداع، والجعل تسخير وتسيير لهذا المخلوق المبدع.. وهذا يعنى أن خلق المرأة والرجل يجرى على نسق واحد، ويقع على صورة واحدة، حتى إذا اكتمل خلق الإنسان، انقسم إلى مخلوقين، أحدهما ذكر والآخر أنثى، كاليدين للإنسان، إحداهما يمين، والأخرى شمال.. وباليدين معا يؤدّى الإنسان وظيفته، وبالرجل والمرأة يتم للإنسان وجوده.. فكلّ من الرجل والمرأة نصف الإنسان، وبهما معا يكمل الإنسان، ويكون له القدرة على أداء وظيفته فى الحياة..
أما ما جاء فى قوله تعالى: «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى» فإن هذا فى مقام إلفات النظر إلى عالم المخلوقات الحية، حيث تبدو هذه المخلوقات فى أجناسها، وكأن كل جنس منها صنف واحد، حيث لا تمايز بين أفراده، مع أنه فى الحقيقة صنفان، ذكور وإناث.. فهذا مقام، وذاك مقام.
قوله تعالى:
«أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟» ..
هذه هى القضية التي نصبت لها تلك الأدلة، التي تحدّث عن قدرة الله سبحانه وتعالى، والتي كانت السورة كلها معارض لتلك القدرة.
أي: أليس ذلك الإله الذي خلق الإنسان من نطفة، بقادر على أن يحيى الموتى؟
والجواب على هذا السؤال، هو بالإيجاب الملزم لكلّ ذى عقل أن يجيب