نقول- والله أعلم- إن القسم بالقمر، والليل المدبر، والصبح المسفر، هو إشارة إلى مبعث النبىّ صلوات الله وسلامه عليه، وإلى ما بين يدى مبعثه وما خلفه، من مجريات الأحداث، التي تطل على الناس..
فالقمر- والله أعلم- هو إشارة إلى الرسالات السماوية التي سبقت عصر النبوّة.. فقد كانت تلك الرسالات هى النور، الذي يشعّ فى وسط هذا الظلام المخيم على العالم، وأن نور هذا القمر لا يمنح الناس رؤية كاشفة، وإن أراهم مواقع أقدامهم. وألقى فى قلوبهم شيئا من الطمأنينة والأنس، ثم إنه لا يلبس أن يختفى، ويتحول عن الناس..
وإسفار الصبح هو إيذان بمبعث النبي، وأنه الشمس التي ستشرق على هذا الوجود، وأن أضواء شمس النبوة قد أزاحت ظلمة الليل عن هذا الوجود، وأنه سرعان ما تطلع الشمس فتملا الوجود ضياء، وتكسو العالم حلّة من بهاء وجلال، حيث تنكشف حقائق الأشياء، وتسفر عن وجهها لكل ذى بصر يبصر، ومن شمس النبوة المحمدية استمدّت الرسالات السابقة نورها من ضوء هذه الشمس، قبل أن يستقبل الوجود مطلع هذه الشمس، فلما طلعت محت بضوئها آية القمر، وكان على من يريدون أن يسيروا على هدى ونور أن يستقبلوا هذا النور، وأن يملئوا أعينهم به.
قوله تعالى:
«إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لِلْبَشَرِ» .
الضمير فى إنها يعود إلى «سقر» .. وهى إحدى منازل الكافرين والضالين يوم القيامة.. فإن جهنم- أعاذنا الله منها- لها سبعة أبواب، ولكل باب أهله الذين يدخلون منه إلى النار المعدة لهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ» (43- 44: الحجر) .