وقوله تعالى: «وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ» هو ردّ على المستهزئين الساخرين، الذي اتخذوا من عدد التسعة عشر مادّة للاستهزاء والسخرية، حتى لقد بلغ بهم القول بأن الله لا يملك من الجند إلا هؤلاء التسعة عشر، ولو كان يملك أكثر منهم لجعلهم عشرين لا تسعة عشر.. وكذبوا وضلوا، فإن جنود الله لا حصر لها، ولا يعلم عددها إلّا هو سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: «وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ» الضمير «هِيَ» يعود إلى «عدة» فى قوله تعالى: «وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا» ..

أي أن هذه العدة، هى موضع ذكرى، وعبرة الناس.. كما علم منها أهل الكتاب مطابقة ما جاء فى القرآن لما فى كتبهم، والتزام هذه الكتب جميعها هذا العدد، دون تبديل فيه، أو تحريف له، فيما حرّف أهل الكتاب وبدلوا، لأنه لا مصلحة لهم فى هذا التبديل، والتحريف.. ويجوز أن يكون هذا الضمير عائدا إلى «سقر» فى قوله تعالى: «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» ، ومع سقر الجنود القائمون عليها، وعدتهم تسعة عشر.. فسقر، والجنود القائمون عليها، هى ذكرى للبشر.

قوله تعالى:

«كَلَّا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ» .

«كلّا» هنا، نفى يحمل الرّدع والزجر، لأولئك الذين لم يجدوا فى تلك الآيات التي تحذرهم من النار، وتخوفهم من جنودها- لم يجدوا فى ذلك ذكرى وموعظة لهم.

وكلا، إنها ليست ذكرى للبشر، أي لمعظم البشر، إذ كان أكثر الناس على الضلال، وقليل منهم المهتدون، المؤمنون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015