وقوله تعالى: «وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا» أي ما ذكر الله عدة هؤلاء الجند، وحصرهم فى تسعة عشر، دون أن يبلغوا العشرين، مثلا، ليكونوا عددا كاملا- ما ذكرهم الله، وحصر عددهم فى هذا العدد، إلا ليمتحن بذلك إيمان المؤمنين، وضلال الضالين، وقد كشف هذا الامتحان عن فتنة المشركين الذين اتخذوا من هذا العدد سبيلا إلى التفكّه، والتندر، والاستهزاء..

وقوله تعالى: «لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً» إشارة إلى أن أهل الكتاب قد وجدوا أن ما أخبر به القرآن عن عدة أصحاب النار، من الملائكة مطابق لما عندهم من كتب الله.. كما أن المؤمنين سيزدادون إيمانا بما جاءهم من عند الله مصدقا لما فى الكتب السابقة..

وفى التعبير بالاستيقان فى جانب أهل الكتاب، وبازدياد الإيمان فى جانب المؤمنين، مراعاة لمقتضى الحال فى كلّ من الفريقين.. فأهل الكتاب- والمقصود به من أهل الكتاب هنا، هم أولو العلم منهم، الذين سلموا من الهوى المضل، الذي أفسد على كثير من علمائهم دينهم- فأهل الكتاب هؤلاء، يبعث فيهم هذا الخبر الجديد الذي جاء به القرآن- يقينا بأن ما يتلقاه محمد، هو وحي من عند الله.. هذا إلى ما كان عندهم من علم، بهذا النبي، المبشر به فى كتبهم، والمبينة صفاته فيها..

وأما المؤمنون، فهم مؤمنون بصدق الرسول، من قبل نزول هذه الآيات، ومن بعد نزولها.. ولكنهم يزدادون إيمانا كلما تلقوا من آيات الله جديدا، يثبّت إيمانهم ويزيدهم قوة استبصار لمعالم الحق.. وهؤلاء المؤمنون، هم الذين آمنوا إيمانا خالصا من شوائب الشك والارتياب..

وقوله تعالى: «وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ» .

والذين أوتوا الكتاب هنا، هم مطلق اليهود والنصارى، وليس الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015