والمجادلة مع المشركين، أو كان ذلك مما يعرض النفس من ضجر، وقلق ومعاناة، من تلقاء هذا العبء لذى تنوء بحمله الجبال.. وهذا هو هجر الرجز والفاءات في قوله تعالى: «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» يرى كثير من النجاة وتابعهم في هذا كثير من المفسرين، أن هذه الفاءات زائدة..
ونحن على رأينا من أنه ليس هناك حرف زائد فى كتاب الله الكريم، وأن كل حرف أو كلمة، لها دلالتها التي لا يتم المعنى المراد فى القرآن إلا بها..
وهذه الفاءات، هى من نوع الفاء في قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ» فالفاء فى قوله تعالى: «فَأَنْذِرْ» واقعة فى جواب الأمر..
وكذلك الفاءات فى قوله تعالى: «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» - هى واقعة فى جواب أمر مقدر، معطوف على قوله تعالى فى أول السورة: «قم» ..
وعلى هذا يكون المعنى فى ابتدائه على هذا الوجه:
يا أيها المدثر قم فأنذر الناس، وقم فكبر ربك، وقم فطهر ثيابك، وقم فاهجر الرجز..
ثم للاهتمام بالمفعول به، وقصر مر فعل الفاعل عليه، قدم هذا المفعول على الفعل، فى قوله تعالى: «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» وحذف فعل الأمر «قم» المكرر فى الآيات الثلاث، اكتفاء بتقديره وراء حرف العطف «الواو» الذي يأخذ نصيبه معنى لا لفظا من الفعل «قم» فى قوله تعالى: «قم فأنذر»