أحد غيره، وإن هذه المهمة شاقة ثقيلة تحتاج إلى دربة ومران على احتمال الصعاب والمشقات، كما أنها تحتاج إلى رصيد كبير من الزاد الذي يتزود به من قيامه الليل، وترتيله القرآن.
ثم إنه بعد أن بدأت الدعوة الإسلامية، تأخذ طريقها العملي، ويواجه بها النبي قومه- رفع الله سبحانه وتعالى عن النبي عبء قيام الليل، فجعل ذلك أمرا على سبيل الندب والاستحباب، وفى أي وقت وقدر من الليل، كما يقول سبحانه: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً» (79: الإسراء) ..
قيل إنه كان بين نزول أول المزمل وما حملت إلى النبي من أمر بقيام الليل، وبين هذه الآية الأخيرة من السورة، التي جاء فيها حكم التخفيف بقراءة ما تيسر من القرآن- كان بين نزول أول السورة وآخرها عشرة أشهر، وقيل سنة، كما يروى ذلك عن السيدة عائشة رضى الله عنها، وقيل إنه كان بينهما عشر سنين!!.
ونحن نميل إلى الرأى الثاني وهو القول بعشر سنين..
وذلك لأمور:
أولها: أن مدة عشرة أشهر أو سنة، غير كافية فى التدريب على حمل هذا العبء الثقيل الذي سيحمله النبي، فى تبليغ الدعوة الإسلامية، وأن ما ينتظر النبي فى الدور المدني من اتصال الحرب بينه وبين المشركين واليهود، لا تدع له فرصة لسهر الليل الطويل.. على خلاف ما كان عليه الأمر فى مكة، حيث كان لقاء النبي مع آيات ربه بالليل، هو الزاد الذي يعيش عليه خلال تلك المدة.