وليس التبتل هنا معناه الرهبنة، والانقطاع عن الحياة، وإنما هو العمل لله وحده فى معترك الحياة، بمعنى أن تكون أعمال النبي، وجهاده بالقول، وبالسيف، مرادا بها وجه الله وحده، معزولا عن كل مطلب من مطالب الحياة الدنيا، ومجانبا لكل حظ من حظوظ النفس، إلا ما يمسك الأود، ويحفظ الحياة..
قوله تعالى:
«رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا» أي هو رب المشرق والمغرب، أي هو رب هذا الوجود كله.. فإذا ذكر المؤمن اسم ربه، ذكر بذلك ما لله سبحانه من سلطان، وأنه مالك الملك، وحافظه، ومدبر كل أموره وأحواله، وهذا هو الذي يعطى الذاكر ثمرة طيبة، إذا هو ذكر ربه بهذه المشاعر الخالصة له سبحانه وتعالى.
وفى التعبير بالمشرق والمغرب، عن الوجود كله، وحصره فى هاتين الجهتين، مع أن الجهات أربعة، هى المشرق والمغرب، والشمال، والجنوب- فى هذا أمور، منها:
أولا: أن التعبير القرآنى، جاء بلفظ مشرق، ومغرب، ولم يجىء بلفظ شرق وغرب..
وهذا يعنى أنه يشير إلى مشرق الشمس، والقمر، والكواكب، والنجوم، ومغربها.. فهذه العوالم، لها مشرق، ومغرب، وليس لها شمال، وجنوب..
وثانيا: أن المشرق، والمغرب، يشملان- ضمنا- الشمال والجنوب..
حيث أن المشرق يشير إلى جهة الشروق، التي تمتد من أقصى الشمال، إلى نهاية الجنوب.. وكذلك المغرب، فإنه يمتد من طرف الشمال، إلى طرف الجنوب.