رحمة أو إشفاق، فرماهم بكل مهلكة، وصبّ عليهم اللعنات صبّا..
هذا، ما يبدو فى ظاهر الأمر..
ولكن، الذي يراجع حياة نوح معه قومه، وهذا الأمد الطويل الذي قضاه بينهم، وهو كما يقول القرآن الكريم ألف سنة إلا خمسين عاما، لم يدع فيها نوح لحظة إلا واجه فيها قومه، ولا طريقا إلا سلكه إليهم- ومع هذا فإن القوم لم يزدادوا إلا سفها وضلالا، وإلا مبالغة فى الكيد له، والعدوان عليه، حتى لقد فتنوا فيما فتنوا امرأته، وولده، وهذه أعظم بلية يبتلى بها صاحب دعوة فى محاربة دعوته، إذ يقوم منها أبلغ شاهد على خذلانه وإبطال حجته على الناس لما يدعوهم إليه..
إن الذي يراجع هذا الموقف بين نوح وقومه، يجد أن نوحا عليه السلام، كان أكثر أنبياء الله صبرا وحلما، واحتمالا.. فما من نبى ظل فى موقف الدعوة، يحارب أهل الضلال مثل هذا الأمد الطويل الذي وقفه نوح عليه السلام.. ولهذا كان عليه السلام واحدا من أولى العزم من رسل الله، عليهم صلوات الله، ورحمته، وبركاته.