«لا» فى قوله تعالى: «فَلا أُقْسِمُ» للنفى.. أي نفى القسم برب المشارق والمغارب، تنزيها لله سبحانه وتعالى، أن يقسم به على أمر لا يحتاج إلى قسم، لظهوره، ظهورا يكاد فى عداد البديهيات.. وهو أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يذهب بهؤلاء المشركين، ويقطع دابرهم، ثم يأتى بمن هم خير منهم وعيا، وإدراكا، واستقامة على طريق الهدى.. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» .
(19: إبراهيم) .
وقوله تعالى: «وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ» أي أننا حين نطلب من نريد إهلاكه، لا يفوتنا، ولا يعجزنا، كما فى قوله تعالى: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا؟ ساءَ ما يَحْكُمُونَ» (4: العنكبوت) وكما يقول سبحانه على لسان الجن: «وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً» (12: الجن) قوله تعالى:
«فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» ..
هو تهديد لهؤلاء المشركين، وذلك بأن يدعهم النبي وما هم فيه من خوض فى الباطل، ولعب فى مواقع الضلال، حتى يلاقوا اليوم الذي يوعدون، وهو يوم القيامة، وما توعّدهم الله به من عذاب..
قوله تعالى:
«يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ» .
«يَوْمَ يَخْرُجُونَ» - هو بدل من «يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» .. ففى هذا اليوم الموعود، يخرجون من الأجداث، أي القبور، سراعا، حيث يساقون سوقا إلى موقف الحساب، والجزاء، وكأنهم فى سرعتهم ذاهبون إلى نصب