مقترن دائما بجلب المصالح والمنافع.. على خلاف ما يكون من جلب المنافع، فإنه قد تجلب المنفعة، ولا يكون معها دفع مضرة.. مثل جلب المال إلى المال بعد سدّ حاجة الإنسان. فإن جلب المال لدفع الحاجة، هو دفع لضرر وجلب لمصلحة معا، وجلب المال لغير سدّ حاجة، هو جلب لمنفعة، لا يصحبه دفع ضرر.. وشتان بين الأمرين.. وفى هذا يقول الله تعالى:
«فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ» (185: آل عمران) ..
فالزحزحة عن النار دفع لضرر، جلب معه مصلحة، وهو دخول الجنة..
أما من دخل الجنة ابتداء من غير أن يتحقق أنه زحزح عن النار، فإن شبح النار لا يزال مطلّا عليه، لأنه لم يعلم حقيقة أمره مع النار..
ولعل هذا هو السر فى قوله تعالى: «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا» (71- 72:
مريم) .
وقوله تعالى: «إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ» ..
أي أن المؤمن- مع إيمانه بالله، وإقامته الصلاة. وإيتائه الزكاة، وتصديقه باليوم الآخر- كل ذلك لا يخلى نفسه من الشعور بالخوف من الله، والوقوع تحت طائلة عذابه.. فما أحد يدرى ما الله صانع به، وما أحد يدرى أهو من أهل الجنة أم من أهل النار، وإن كان- مع هذا- طريق قائم على الجنة، وأعمال تبلغ بالعاملين على هذا الطريق، إلى الجنة.. وطريق قائم على النار، وأعمال تسوق العاملين على هذا الطريق، إلى النار..
ثم الحكم بعد هذا كله إلى الله وحده، «يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً» .. (31: الإنسان)