هو استثناء من قوله تعالى: «إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً» .
فالحكم العام على الإنسان، هو أنه هلوع جزوع، إذا مسه الشر.. منوع بخيل، إذا مسّه الخير.. ويستثنى من هذا الحكم العام أولئك الذين آمنوا بالله من بنى الإنسان، ثم امتثلوا شريعة هذا الإيمان، فأتوا ما أمرهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه..
والصلاة، هى الركن الأول من الأركان التي قام عليها الإيمان، ولهذا كانت أول صفة يتصف بها المؤمنون، لأنها هى الطريق الذي يصلهم بالله.
فإذا تركها المؤمن، انقطعت صلته بربه، إلى أن يعود إليها، وفى هذا يقول الله تعالى: (إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى) (14: طه) فالصلاة هى التي تذكّر بالله، وتصل العبد بربه، وتملأ قلبه خشية منه، وولاء له.
ثم تأتى الصفة الثانية التي يتصف بها المؤمن بعد الصلاة، وهى الزكاة، فيقول سبحانه: «وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» .. فإن من شأن من يؤمن بالله، ويداوم على الصلاة- من شأنه أن يذكر ربه، ويذكر أن ما فى يده، هو من رزق الله له، ومن إحسانه إليه، وهو بهذا لا يبخل بهذا المال، ولا يضن به على الإنفاق فى وجوه البرّ، لأن ما ينفقه هو مدّخر عند الله له، ثم هو فى الوقت نفسه، لا ينقص شيئا من رزقه المقدر له.. فما أنفقه فى وجوه الخير، هو صدقة زائدة، تصدّق الله سبحانه وتعالى بها عليه، لتكون طهرة له..
وما أمسكه فى يده، هو الرزق المقدر له..
والحق المعلوم فى أموال المؤمنين، هو الزكاة المفروضة عليهم..