ولقد عفا الرسول عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم فى كل أمر ذى بال يعرض له.

ولكن النبىّ- وهو بشر- قد تطلع عليه صور من أحداث أحد، فتحرك أشجانا، وتثير أسى..

فجاء قوله تعالى: «وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ» - ليشنّع على الحقد، وليستبعد وقوعه من أي نبىّ من أنبياء الله، وليجعله جرما من أغلظ الجرائم، حتى ليلتزم صاحبه، ويصحبه إلى يوم القيامة، كما التزمه وصحبه فى صدره، وبين جنبيه! وما أروع هذا العطف الإلهى الذي يفاض على النبىّ الكريم، وهو فى مقام التأديب، والتحذير من أن يحمل قلبه غلا، وحقدا.. فلا يواجهه المولى سبحانه وتعالى بهذا الخطاب، ولا يلقاه به وحده- لطفا وكرما- بل يتجه الأمر إلى الأنبياء جميعا.. «وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ» فما أعظم هذا المقام، وما أكرم تلك المنزلة، التي نزلها محمد من منازل الرضوان والإحسان عند ربّه.

الآية: (162) [سورة آل عمران (3) : آية 162]

أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)

التفسير: هنا مقابلة بين من استجاب لله، وانقاد لما يرضيه، فرجع مزوّدا برحمة الله ورضوانه، وبين من مكر بالله، وكفر بآياته، فانقلب موقرا بسخط الله وغضبه..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015