«مَا الْحَاقَّةُ؟» .
إنها مع صوتها الراعد المزلزل، ملففة فى أطواء المجهول.. لا يعرف لها وجه، ولا تبين لها حقيقة، حتى لكأنها القدر، ترمى الناس بما فى يديها من نذر، من حيث لا يحتسبون، ولا يقدّرون.. وهذا مما يضاعف فى فزع الناس منها، وفى الكرب المشتمل عليهم إزاءها..
«وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ؟» .
ومن يستطيع أن يجيب على هذا السؤال: «مَا الْحَاقَّةُ؟» إن أحدا لا يستطيع أن يتصور حقيقتها، أو يبلغ إدراكه الإحاطة بها.. وفى هذا التجهيل فى الجواب الذي يجاب به عنها، مضاعفة للفزع والكرب المستوليين على الناس منها.
وكأنّ المعنى هو:
«الْحَاقَّةُ» .. وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى بها، وإعلان للناس بوقوعها حيث يشتمل عليهم الفزع، ويستبدّ بهم الخوف من مجرد التلفظ بها..
«مَا الْحَاقَّةُ؟» وهذا سؤال من الناس عن هذا الكائن العجيب، الذي يشيع ذكره الرعب والفزع.. وكأنهم يتجهون بهذا السؤال إلى النبىّ الذي ألقى بهذا الاسم على أسماعهم!! «وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ؟» وهذا جواب من الله سبحانه على تساؤل السائلين للنبىّ عن الحاقة.. إن النبىّ الذي يسألونه، ويرجون الجواب عنده، لا يدرى ما هى الحاقة؟ إنها شىء من وراء تصورات العقول، واحتمال المدارك..
أما معنى الحاقة من حيث اللغة، فهو اسم فاعل من الحقّ.. وحقّ