التي يساقون إليها، ولكن لا يستطيعون ذلك، أي لا يمكّنون من هذا، ولا يفعلونه، لأن الآخرة دار جزاء وحساب، وليست دار عمل وكسب..
لقد مضى زمن السجود، فلا سبيل لهم إليه..
قوله تعالى:
«خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ» ..
هو بيان لحال المشركين يومئذ، حين حاولوا السجود لله، وتدارك ما فاتهم، فلم يفلحوا، وقد لبستهم حال من الغم، والكمد، فخشعت لذلك أبصارهم ذلة وانكسارا..
وقوله تعالى: «وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ» .. هو جواب لسؤال مقدر، وهو: ما ذنب هؤلاء المشركين إذا دعوا إلى السجود ولم يستطيعوا؟ وهل يكلّف الإنسان ما لا يستطيع؟ وهل يحاسب على ما يجاوز استطاعته؟ فكان الجواب: إنهم لم يحاسبوا على عجزهم عن السجود يوم القيامة، لأنّهم فى حال لا يمكّنون فيها من هذا السجود، وإنما هم يحاسبون على امتناعهم عن السجود، حين دعوا إليه وهم سالمون، أي وهم فى الدنيا، حيث تصحّ العبادة، وتقبل الأعمال.. فالمراد بالسلامة هنا، هو سلامة الوقت الذي تصحّ فيه الأعمال، وتقع موقع القبول.
قوله تعالى:
«فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ» ذرنى، أي دعنى، واتركني.
وهذا الفعل من الله سبحانه، هو تهديد مزلزل لهؤلاء المشركين، الذين يكذبون بآيات الله، ولا ينتفعون بوعد أو وعيد منها..