قوله تعالى:
«وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ» معطوف على جواب القسم: «ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ» ، وهو وعد من الله سبحانه للنبى الكريم، بالأجر العظيم المتصل، غير الممنون، أي غير المنقطع عنه أبدا، وذلك جزاء جهاده، وصبره على ما يلقى من أذى قومه، وسفاهتهم عليه..
والأجر غير الممنون، هو غير المقطوع، أي الدائم المتصل.
ويجوز أن يكون معنى الأجر غير المنون هنا، هو الأجر الذي لا منّة عليك فيه من أحد، أي لا فضل لمخلوق عليك فيه.. فهو فضل خالص من عند الله لك، وإنك لأهل له، بما احتملت من أذى فى سبيل دعوة الحق التي تدعو إليها.. وفى هذا تنويه بقدر النبي، ورفع لمقامه عند ربه، وأن هذه المنزلة التي يلغها هى- وإن كانت من فضل الله- محسوبة من كسب النبي، ومن سعيه المحمود المبرور، عند ربه.
قوله تعالى:
«وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» .
هو تقرير لما تضمنه قوله تعالى: «وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ» - فهذا الأجر غير الممنون، هو ثمرة لهذا الخلق العظيم، الذي كان عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم.. وحسب رسول الله بهذا الوصف الكريم، من الله سبحانه وتعالى- حسبه بهذا شرفا وعزّا، حيث توّجه ربه- جلّ وعلا- بتاج الكمال كله، إذ ليس بعد حسن الخلق حلية تتحلى بها النفوس، أو تاج تتّوج به الرءوس.. ففى مغارس الخلق الحسن، كانت رسالات المرسلين، ومن أجل حماية هذه المغارس، وإطلاع ثمرها، كانت دعوة الرسل، وكان جهادهم، الذي توّج بدعوة سيد